samedi 27 août 2011

الحكام العرب و فكرة الطوطمية2

إن المتتبع لتاريخ الحكم في العالم العربي يتبين له على أن هنالك ارتباط و ثيق بين حكم الطوطم و حكم الحكام العرب، أي أننا نتحدث عن حكم العشيرة بحيث لكل عشيرة يكون لها طوطم معين يختلف عن طوطم العشيرة الأخرة، و الحكم ينتقل وراثيا من الطوطم   الأكبر الى الطوطم الأصغر. لكن قبل الحديث عن هذا الارتباط الوثيق بين الطوطم و حكم الحكام العرب لبد من الوقوف عن مفهوم الطوطم، فالمقصود بالطوطم؟
 هناك العديد من الدرسات الانثروبولوجية و السيكولوجية التي عالجت الموضوع، من بين هذ الدراسات نقف عن الدراسة التي قام بها رائد التحليل النفسي سيغموند فرويد في هذا المجال من خلال كتابه "الطوطم و الحرام"، هذا الكتاب يعالج فيه فرويد فكرة الطوطمية بنوع من التفصيل ،حيث نجده يعرف الطوطم بأنه الحيوان الذي لا يؤكل لحمه  و غير مؤذ، و في الغالب الأعم نبات أو قوة طبيعية (مطر_ ماء)، تربط بنينها وبين الجماعة برمتها صلة خاصة . و الطوطم هو في المقام الأول سلف العشيرة و في المقام الثاني روحها الحامي وولي نعتهما الذي يبعث اليها النبوءات، الحكم لدى الطوطم ينتقل بشكل آلي أوتوماتيكي ووراثي من الطوطم الأكبر (القدافي) مثلا الى الطوطم الأصغر (سيف الاسلام)، و الحكم تاريخيا عند الطوطم كان للمرأة في المجتمعات الأميسية لأنها كانت تقوم بدور جاد و تدير شؤن البيت و في الخارج ، لكن في ظروف غامضة انتقل الحكم من الأم الى الأب في المجتمعات الأبيسية لأن الأب هو الذي أصبح يتكفل بالبيت و يقوم يالأعمال الشاقة ؟
  من خلا هذا التقديم حول الطوطم و طبيعة الحكم فيه نفهم طبيعة الحكم في الدول العربية ، نفس الشيئ عندنا الحكم ينتقل بشكل آلي و وراثي من الطوطم الأكبر الى ، الطوطم الأصغر في ظروف غامضة، و الحكم لدينا يتصف بنوع من القداسة و الشرعية سواءهذه الشرعية تاريخية كما لدينا نحن في المغرب أو شرعية كريزماتية جنونية كما في ليبيا أو شرعية تاريخية فرعونية كما في مصر أو شرعية دينية كما في دول الخليج (السعودية)، حيث جعلوا من الدين مطية لهم لتحقيق أغراضهم عن طريق التأويل الخاطئ للنصوص مثلا طاعة اولي الأمر واجبة "أطيعوا الله و أطيعوا  أولي الأمي..."فنحن اليوم نعيش نفس الصراع الذي عاشه الغرب مع الكنيسة بألوان مختلفة إبان القرن 16و 17.قرون الدماء و التصفيات للكثير من الأرواح الزكية للعلماء و الفلاسفة و يبقى غودانوا برونوا و غليلي خير مثال على ذلك ، فالحكام العرب اليوم أقبضوا على الحكم من قبضة من حديد و جعلوا من الشعوب العربية تدفع ثمن هذا الحمق و ثمن هذه الشخصيات الكرزماتية المرضية الجنونية ؟
  في الأخير لا يسعني إلا أن أقول لهؤلاء الحكام الجائرين بأن زمن الخوف قدولى و زمن الحكم باسم الدين قد ولى وحان زمن استخدام العقل و فهم المقولة الكانطية "تجرأ على استعمال عقلك: ذلك شعار الأنوا"، المجتمعات العربية اليوم خرجت من مرحلة القصور و دخلت في مرحلة الرشد و المسؤولية ؟؟

من الميتوس الى اللوغوس


      بعد انفصال الميتوس عن اللوغوس احتكم الانسان الى العقل و بدأ يستخدم عقله في تناول المساءل كما أنه بدأ يثير مجموعة من الأسئلة التي تبين عن قدرة الانسان العقلية من قبيل: ما هو أصل العالم؟ من أوجد الكون؟ كيف وجد؟ و لماذا على هذه الشاكلة و ليس على تلك؟.. فكانت هذه الأسئلة هي بداية التفكير الفلسفي و الذي انطلقت معالمه الولى في القرن السادس قبل الميلاد عرف فلاسفة هذا العهد بالفلاسفة الطبيعيين نظرا لاهتمامهم بالعالم الخارجي و محاولة تفسيره من خلال اللجؤ الى عنصر طبيعي أو مبدأ أول تتكون منه كل الموجودات، تساءلوا عن حقيقة المبدأ الأول للأشياء و تمثل هذا الاتجاه في المدرسة الملطية (الطبيعيين الأوائل) طاليس و انكسيمانس و انكسمندرس هراقليطس و بارمندس و صولا الى الفيتاغوريين.. حيث اختلفت و تضاربت أراء و موقف الفلاسفة حول الوجود و اللاوجود الصيرورة العدم التبات و الحركة..
     من هنا إذا أردنا أن نتحدث عن اشكالات فإن الاشكال المطروح أنذاك هو اشكال الوجود أو الأنطولوجيا و هو المبحت الذي تناولته الفلسفة اليونانية فختلفت اجابات الفلاسفة و العلماء حول هذا الاشكال حيث نجد مثلا طاليس هو صاحب الاجابة الأولى يقول على أن أصل الوجود ماء، حيث ادرك هذا الفيلسوف ان الماء ضروري لحياة الانسان و الحيوان و النبات.. كما لا يمكن لأي شيئ أن يتوالد أو يتكاتر بدون الماء، و أن الماء هو العلة الأولة لوجود الأشياء..
       إن طاليس في نظر أرسطو هو مؤسس الطبيعة الأيونية لأنه يجعل من الماء سببا لكل الموجودات، يحاول أرسطو أن يعلل نظرية طاليس في كتابه (الميتافزيقا) بقوله عن هذا الفيلسوف "أنه قد يكون استقر عند هذا الرأي لأنه رأى أن غذاء كل شيئ رطب، و أنه قد يكون هو رطب و ان كل ما هو حار يعتمد على الرطوبة، ثم أن البذور رطبة بطبيعتها و أن الماء هو المبدأ الطبيعي للرطب" يوسف كرم_ كتاب_ تاريخ الفلسفة..
       ثم من بعد طاليس جاء انكسمندرس و رفض ان يكون الماء هو أصل العالم، حيث قال مهما بلغ الماء من الروطوبة فإنه يبقى ذو صفات معروفة، و الأصح هو ان ترجع الأشياء الى شيء لا محدود و لا شكل له و لا نهاية أنه في نظر انكسمندرس هو "الأبيرون" و هي كلمة يونانية و تعني للامحدود أو اللانهائي...
      ثم جاء ثالث الفلاسفة انكسيمناس هو بدور أرجع علة الوجود الى علة واحدة و هي في نظره الهواء من جعله يقول بذلك هو عندما نظر الى الهمية التي يلعبها الهواء في حيات مختلف الكائنات الحية، هكذا تستمر محاولات الفلاسفة مما يعكس تعدد المداهب و التصورات، لكن ما يجمعهم هو أنهم ردوا أصل الكون الى عنصر واحد تصدر عنه جميع الموجودات..
     لقد وصلت الن الى الحديث عن فيلسوفين وجها الفكر المعاصر، حيث قال عنهما هيدغر فلاسفة عظماء و هما هراقليطس و بارمندس فلاسفة التغير ة التبات أو الصيرورة و السكون على اعتبار أن هراقليطس هو صاحب مقولة "الأشياء في تغير متصل" عبد الرحمان بدوي _ ربيع الفكر اليوناني.. و التغير صراع الأضداد ليحل بعضها محل بعض، لو لا المرض لما طلبنا الصحة، لو لا العمل لما أنعمنا بالراحة، لو لا المرأة لما أنعمنا بالسعادة... فهراقليطس بهذا يكون فيلسوف التغير بامتياز و مكتشف الديالكتيك الذي سيظهر من بعد مع هيغل و يمشي على رجليه مع ماركس. هراقليطس يقول "لا تستطيع ان تستحم في النهر مرتين، كما انك لا تستطيع أخذ صورة من النهر" هذه القول تبين التغير.
     في مقابل هذا الفيلسوف نجد فيلسوف التبات و السكون _ بارمندس_ الذي يرى انه لاوجود لشيئ اسمه التغير او الصيرورة ما يوجد فقط السون هذا القول تعكسه المسابقة التي تمت بين أخيل و السلحفات (أخيل عداء في السطورة اليونانية) حيث اذا أراد أخيل قطع المسافة عليه قطع نصف النصف ثم نصف النصف... يعني هناك تبات و ليس حركة في نظر بارمندس؟؟
   بهذا نكون قد احطنا بالفلاسفة الطبيعين بشكل مقتضب لكي نصل الى الفتاغوريين حيث كانوا يعتبرون العدد هو اص العالم، و الأعداد هي مفتاح فهم الكون، أدخل فيتاغورس القياس في العلم الطبيعي عندما اكتشف ان الأوتار تربطها علاقة تناسب بسيط، هذا ما جعله يربط التناغم بالأعداد، كان للنقطة عندهم كيان وللمستقيم عرض و للسطوح عمق..
   ساهمت الفتاغورية في علم الفلك حيث نجد _ارستارخوس_ و هو يحسب للفتاغوريين أول من فكر بأن الأرض كروية و انها أحد الكواكب و ليست مركز الكون أن كل الكواكب بما في ذلك الأرض تتحرك مركزية حول الشمس؟؟ قوله بكروية الأرض قد يكون انعكاس لشكل كروية الدائرة ؟؟
           لا بد من الحديث عن فيلسوف لقب بفيلسوف العودة، أي أنه عاد الى الفلاسفة الطبيعيين و جمع حصيلة كل ماتوصلوا اليه و خرج بعنصر خامس أنه جمع بين الماء و الهواء و التراب و النار حيث يقول أن كل شيء في الكون مكون من أشياء أربعة. و ضرب المثال بقطعة الخشب اذا ما احترقت تحولت الى ذخان و هو الهواء، و الى ألسنة تندالع و هي النار تم الى فقيع تنتفض و هي الماء ثم الى رماد و هو التراب. حيث يقول يجمع بين هذه العناصر الأربع مبدأ التنافر و التجادب؟؟
   هنا سينبني الفكر على اول مفارقة ستظهر مع حركة السوفسطائيين حيث أننا لم نعد نهتم بأسئلة الوجود و لكن بتربية و تعليم الانسان هدف الحركة جعلت من نفسها معلما يقدم الدروس مقابل اجر يقتضيه المعلم  كانت تعتمد على فن الخطابة و الاقناع أي الاعتماد على حسن و جمالية اللغة. كما أن كل الأشياء أصبح الانسان هو مقياسها كما يقول بروتاغوراس. يعني لم يعد للحياة قيمة أخلاقية بل أصبح النصب و الاحتيال هم أساليب عمل السفسطائيين؟؟ هذا ما جعل السوفسطائيين يموتون وهم على وفرة من المال؟؟ لكن السؤال المطروح هل ظل الوضع على هذا الحال؟؟
  طبعا لا نجيب بالنفي لأنه هنا سيظهر سقراط و يحارب كل هذه الممارسات التي كانت تقوم بها الحركة و لم يعد التعليم مرتبط بالمال بل صار سقراط يجول في شوارع المدينة أتينا و يعلم الشباب بدون اجر كما أنه بسط الفلسفة و لم يجعلها في يد النخبة _ السوفسطائيين_ بل في متناول الجميع؟ حيث قال عنه شيشرون :" هول الذي أنزل الفلسفة من السماء الى الأرض و ادخلها الى البيوت " فدخل في صراع مع السفسطائيين من جهة بخصوص المسائل التعلمية و مع قضاة اتينا من جهة أخرى . فتهم بذلك بعدة تهم منها: افساد الشباب و الكفر بالألهة... فختم هذا الصراع بموت سقراط من أجل ألا تموت الحقيقة؟؟ تحية لكل الأرواح الزكية الطاهرة التي أنارت لنا طريق العلم..
   حتى نتمم الحديث عن أفلاطون و أرسطو؟؟
                                                                             و شكرااااااااااااااا

الحكام العرب و فكرة الطوطمية